اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 122
وليس كل يمين يجب الوفاء بها، وإنما الوفاء واجب في اليمين المنعقدة: وهي أن يحلف المسلم على أمر في المستقبل ممكن حصوله، فعلا أو تركا، أما اليمين الغموس وهي اليمين الكاذبة قصدا، والتي تغمس صاحبها في النار، فهذه تستوجب العقاب في الآخرة في نار جهنم، ولا كفارة لها في رأي أغلب العلماء، لأن حالفها يقتطع بها مال امرئ مسلم، هو فيها كاذب.
وأما اليمين اللغو: وهي التي تجري على اللسان عفوا دون قصد اليمين، ولا تخرج عمدا من القلب، مثل لا والله وبلى والله، فهذه لا حنث فيها ولا كفارة، كما لا كفارة على من حلف على شيء يظنه حصل، فبان خلافه، فلا شيء عليه. قال الله تعالى:
[سورة البقرة [2] : آية 225]
لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)
«1» [2] [البقرة: [2]/ 225] . أي أن المؤاخذة في الأيمان هي بعقوبة الآخرة في اليمين الغموس الكاذبة، وبعقوبة الدنيا في إلزام الكفارة في رأي بعض الفقهاء.
وسبب نزول آية وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ هو أن عبد الله بن رواحة حلف على قطيعة ختنة (صهره زوج بنته) بأن لا يدخل عليه أبدا، ولا يكلمه، ولا يصلح بينه وبين امرأته، ويقول: قد حلفت بالله أن لا أفعل، ولا يحل إلا أن أبرّ في يميني، فأنزل الله تعالى هذه الآية:
[سورة البقرة [2] : آية 224]
وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)
[البقرة: [2]/ 224] .
ثم ذكر الله تعالى حكم الإيلاء بقوله:
[سورة البقرة [2] : الآيات 226 الى 227]
لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)
«3» [4] [البقرة: [2]/ 226- 227] .
للذين يحلفون ألا يطؤوا نساءهم انتظار أربعة أشهر، فإن رجعوا عن يمين الإيلاء
(1) فسره بعضهم كالحنفية: بأن يحلف على الشيء ظانا صدقه أو حصوله، وهو بخلافه. [2] قصدت وتعمدت حلفه.
(3) يحلفون على ترك الوقاع لزوجاتهم مدة أربعة أشهر فأكثر. [4] انتظار.
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 122